القاهرة - الثمانينيات " صدق السيد القائد العام للقوات المسلحة على قرار تقاعد السيد العقيد مهندس سعيد السيد بدير , العقيد بالقوات الجوية " كان هذا القرار بمثابة بداية جديدة فى حياة العالم المصرى , كعالم مدنى انتهت صلته الرسمية بالقوات المسلحة المصرية - بناءا على طلبه للتفرغ العلمى- , و التى خدم فيها بمنتهى التفانى و الاخلاص منذ تخرجه من الكلية الفنية العسكرية و التحاقه بسلاح القوا الجوية كمهندسا فيه و الى ساعة تاريخ تقاعده , لقد قرر التفرغ لمشواره العلمى البحت الذى لن يخرج عن اطار خدمة وطنه ايضا . و كانت اولى خطوات هذا المشوار الجديد , تعاقده مع جامعة المانية محدود الاجل لاستكمال ابحاثه فى مجال اتصالات الفضاء و الاقمار الصناعية . المانيا - بداية النهاية كان خبر وفاة والده الفنان/ سيد بدير طعنة نجلاء وسط نجاحاته المبهره في ابحاثه عن الاتصالات بالاقمار الصناعية , لم يمهله القدر ان تنتهى مدة تعاقده فيعود الى مصر و لو مؤقتا ليلقي على ولده نظرة الوداع . و بينما اقتربت مدة نهاية تعاقده بتلك الجامعة الالمانية , تواكب معها ظهور الباحثان الامريكيان, و تم الاتفاق بينهما على ان يستكمل ابحاثه بجامعتهما بامريكا فور انتهاء عقده الالمانى . كانت المؤشرات المخيفة قد بدأت فى الظهور مع ظهورهما , بدءا من تغير المعاملة معه , الى ان تاكدت شكوكه فى ليلة مـــا , ففى تلك الليلة بعدما عاد الى المنزل مع اسرته , فوجىء بزوجته صائحة فى خوف : سعيد ........ فيه حد دخل الشقة فى غيابنا !!! لقد كانت محتويات الشقة المبعثرة دليل قوى على ذلك ..... ثم ...اين كتاب .....!!؟ ليس كتابا واحدا , بل عدة كتب اختفت من مكتبته !! استمرت تلك الاعمال الغامضه , و هنا اتخذ د. سعيد قراره : لازم ترجعى انتى و الاولاد مصر فى اسرع وقت - بس يا سعيد احنا مش ممكن نسيبك لوحدك هنــــا = حياتكم فى خطر .....و انا ماعنديش استعداد انكم ...... !!! - لكن .... = ما فيش وقت ...... انا هاخلص الايام اللى باقيه لى هنا , و احصلكم على مصر ان شاء الله - و الامريكــــان !!؟ = و لا امريكان و لا غيره ....ده مش عقد استكمال ابحاث ....ده عقد احتكار ..... مصر اولى بكل اللى وصلت له .....و خصوصا بحثى الاخير !!!! لمعت عينيه ببريق التحدى و الطموح , فقد كان بحثه الاخير , بحثا يقلب موازين القوى , و يجعل مصر فى مصاف الدول الرائده فى عالم الفضاء ....بل و يفرض لها السيادة فيه !!!! * * * * * * العــــــودة ..... و النهاية الاسكندرية - يوليو 1989 - اخيرا رجعت لبلدك يا دكتور ......و لا اقول يا سيادة العقيد !!؟ القى شقيق سعيد جملته مازحا , فاجابه اخيه فى حنان , - قول يا "ســـعيـــد " ,,,,, سعيد و بس , عقيد او دكتور او مهندس , المهم الهدف و النية !! كان شاردا فى كلماته , و كانت عينه تراقب حقيبة اوراقه بشكل تلقائى , لقد كانت تحوى حلمه الاكبر , و لم تكن زيارته لاخيه سوى فرصة للاختفاء المؤقت , هربا من تلك المطاردة الغامضة , التى بدأت فى المانيا ..... و انتهت فى ارض مصر !! * * * * "مصرع ضابط سابق بالقوات المسلحة بسقوطه من اعلى عقار بالاسكندرية " هذا ما تداولته الصحف المصرية كالمعتاد بمنتهى السذاجة , بينما فى مكان اخر "امريكى كان .....او ربما اسرائيلى ....لا فارق " , كانت اوراق د. سعيد بدير مفرودة بعناية , و يتم دراسة كل ما فيها بدقة شديدة , حيث حملت عنوان "كيفية السيطرة على الاقمار الصناعية المعادية " ...... و كالمعتاد , ضاع العلم فى صدر صاحبه , و لم تستفد مصر من القدر الادنى منه , و اخذت الشائعات فى التردد حول انتحار العالم المصرى "النـــاجح " سعيد بدير ..... لقد فزنا بالشائعات , و فاز العدو بالابحاث ...او بجزء منها ...... و فقدنا عالما في صدارة قائمة افضل 13 عالم اتصالات فضاء فى العالم ان ذاك . و نال "سعيد السيد بدير" الشهادة بذاك الحادث الغامض , ليلحق باخيه المقاتل شهيد اكتوبر ....... و ان كان اخيه قد استشهد و سلاحه فى يده مقاتلا ........... فقد اصبح "سعيد" ايضا فى صدارة قائمة شهداء .....و لكن....شهداء بلا ســـلاح !!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المقالات الاكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © Mass OnLine

close

أكتب كلمة البحث...